فصل: شهر ربيع الثاني سنة 1219:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ الجبرتي المسمى بـ «عجائب الآثار في التراجم والأخبار» (نسخة منقحة)



.شهر ربيع الأول سنة 1219:

استهل بيوم السبت وفيه وقع هرج ومرج وإشاعات، ثم تبين أن طائفة من العربان والمماليك وصلوا إلى خارج باب النصر وظاهر الحسينية وناحية الزاوية الحمراء وجزيرة بدران جهة الحلى ورمحوا على من صادفوه بتلك النواحي وحالوا بين العسكر الخارجين وبين عرضيهم وأخذوا ما معهم من الجراية والعليق والجبخانة فنزل الباشا ومعه عساكر وذهب إلى جهة بولاق، ثم إلى ناحية الزاوية الحمراء وأغلقوا أبواب المدينة ثم رجع الباشا بعد العصر ودخل من باب العدوي وطلع إلى القلعة وهو لابس برنساً ثم تكرر بينهم وقائع وخروج عساكر ودخول خلافهم ونزول الباشا وطلوعه.
وفي رابعه، حضر الشيخ عبد الله الشرقاوي من غيبته بالقرين بعد ذهابه إلى المحلة من طندتا.
وفي يوم الخميس سادسه، حضر هجانة بمكاتبة من عند الألفي الكبير للباشا، وفيها الأخبار بعزمه على الحضور إلى مصر هو وعثمان بك حسن ويلتمس أن يخلوا له الجيزة وقصر العيني لينظر في هذا الأمر والفساد الواقع بمصر، فكتب له الباشا جواباً ملخصه على ما نقل إلينا أنك في السابق عرفتنا أنك مذعن للطاعة وأرسلنا لك بالإذن والإقامة بجرجا وما عرفنا موجب هذا الحضور فإن كنت طائعاً وممتثلاً ما كنت ولك الولاية والحكم بالإقليم القبلي وأرسل المال والغلال ونحو ذلك من الكلام وسافروا بالجواب يوم السبت ثامنه.
وفيه ترفع الأمراء المصرلية إلى ناحية مشتهروينها وانتقلوا من منزلتهم وأشاع العسكر ذهابهم وهروبهم.
وفيه وردت مكاتبات من الحجاز وأخبروا فيها بموت محمود جاويش الذي سافر بالمحمل وكذلك الحاج يوسف صير في الصرة وأن طائفة من الوهابيين حاصروا جدة، ولم يملكوها وأن ببلاد الحجاز غلاء شديداً لمنع الوارد عنهم والأردب القمح بثلاثين ريالاً فرانس عنها من الفضة العددية خمسة آلاف وأربعمائة.
وفي يوم السبت ثامنه، أرسلوا فعلة وعمالاً لعمل متاريس وأبنية بناحية طرا وكذلك بالجيزة وأرسلوا هناك مراكب حربية يسمونها الشلنبات.
وفي يوم الثلاثاء، خرج محمد علي وحسن بك أخو طاهر باشا إلى جهة القليوبية وصحبتهم عساكر كثيرة وأدوات وعدى طائفة من الأمراء إلى بر المنوفية وهرب حاكم المنوفية من منوف.
وفي ثالث عشره، ورد الخبر بوصول مراكب داوات من القلزم إلى السويس وفيها حجاج والمحمل وأخبروا بمحاصرة الوهابيين لمكة والمدينة وجدة، وأن أكثر أهل المدينة ماتوا جوعاً لعزة الأقوات والأردب القمح بخمسين فرانساً إن وجد والأردب الأرز بمائة فرانساً وقس على ذلك.
وفي خامس عشره يوم السبت، وصلت مراكب وفيها طائفة من العسكر وهم الذين يسمونهم النظام الجديد الذين يقلدون محاربة الإفرنج وأشاعوا أنهم خمسة آلاف وعشرة آلاف ووصل صحبتهم الآغا الذي كان حضر بالمجدة والبشارة للباشا بالتقليد والأطواخ، ورجع إلى إسكندرية فحضر أيضاً وضربوا لوصوله مدافع وشنكا جهة بولاق وأرسلوا له خيولاً ويرقاً وطبلخانات، وأركبوه من بولاق وشق من وسط المدينة وأمامه وخلفه أتباع الباشا والوالي والجنبيات وعسكر النظام الجديد وهم دون المائة شخص والآغا المذكور ومعه أوراق في أكياس حرير ملون وخلفه آخر راكب ومعه بقجة يقال أن بداخلها خلعة برسم الباشا وآخر معه صندوق صغير وعليه دواة كتابة منقوشة بالفضة وخلفهم الطبلخانات، فلما وصولا إلى القلعة ضربوا لوصولهم مدافع كثيرة من القلعة وعمل الباشا ديواناً في ذلك الوقت بعد العصر وقرؤوا التقليد المذكور.
وفي ذلك اليوم، وصلت طائفة من العربان إلى جهة بولاق وجزيرة بدران وناحية المذبح وخطفوا ما خطفوه وذهبوا بما أخذوه.
وفيه ورد الخبر بوصول الألفي الكبير إلى ناحية بني سويف وعثمان بك حسن في مقابلته بالبر الشرقي.
وفي يوم الاثنين، وصل قاصد من الألفي بمكتوب خطاباً للمشايخ العلماء مضمونه أنه لا يخفاكم أننا كنا سافرنا سابقاً لقصد راحتنا وراحة البلاد ورجعنا بأوامر وحصل لنا ما حصل، ثم توجهنا إلى جهة قبلي، واستقرينا بأسيوط بعد حصول الحادث بين إخواننا الأمراء والعسكر وخروجهم من مصر، وأرسلنا إلى أفندينا الباشا بذلك فأنعم علينا بولاية جرجا ونكون تحت الطاعة فامتثلنا ذلك وعزمنا على التوجه حسب الأمر فبلغنا مصادرة الحريم والتعرض لهم، بما لا يليق من الغرائم وتسليط العساكر عليهم ولزومهم لهم فثنينا العزم واستخرنا الله تعالى في الحضور إلى مصر لننظر في هذه الأحوال فإن التعرض للحريم والعرض لا تهضمه النفوس وكلام كثير من هذا المعنى، فلما وصلتهم المكاتبة أخذوها إلى الباشا وأطلعوه عليها فقال في الجواب أنه تقدم تركوا نساءهم للفرنسيس وأخذوا منهم أموالاً، وأني كنت أعطيت جرجا ولعثمان بك قناً وما فوق ذلك من البلاد، وكان في عزمي أن أكاتب الدولة وأطلب لهم أوامر ومراسيم بما فعلته لهم وبراحتهم فحيث أنهم لم يرضوا بفعلي وغرتهم أمانيهم فليأخذوا على نواصيهم.
وفيه شرعوا في حفر خندق قبلي الإمام الليث بن سعد ومتاريس.
وفي ذلك اليوم، أرسل محمد علي إلى مصطفى آغا الوكيل وعلي كاشف الصابونجي، فلما حضرا إليه عوقهما إلى الليل، ثم أرسلهما إلى القلعة بعد العشاء ماشيين ومعهما عدة من العسكر فحبسا بها.
وفي يوم الخميس عشرينه، عمل الباشا ديواناً وحضر المشايخ والوجاقلية وأظهر زينته وتفاخره في ذلك الديوان وأوقف خيوله المسومة بالحوش وخيول شجر الدر واصطفت العساكر بالأبواب والحوش والديوان ووقفت أصناف الديوان باختلاف أشكالهم والسعاة بالطاسات المذهبة على رؤوسهم وخرج الباشا بالشعار والهيبة وعلى رأسه الطلخان بالطراز إلى الديوان الكبير المعروف بديوان الغورى، وقد أعدوا له كرسياً بغاشية جوخ أحمر وبساط مفروشاً خلاف الموضع القديم فجلس عليه وزعقت الجاويشية وأحضر التقليد فقرأه ديوان أفندي بحضور الجمع الكبير، ثم قرأ فرمانين آخرين مضمون أحدهما أكثر كلاماً من الثاني ملخصه الولاية وحكاية الحال الماضية من ولاية علي باشا وشفاعته في الأمراء المصرية، بشرط توبتهم ورجوعهم، ثم عودهم إلى البغي والفجور وغدر علي باشا المذكور وظلمهم الرعية بمعونة العسكر، ثم قيام الرعية والعسكر عليهم حتى قتلوهم وأخرجوهم من مصر، فعند ذلك صفحنا عن العسكر وعفونا عما تقدم منهم وأمرناهم بأن يلازموا الطاعة ويكونوا مع أحمد باشا خورشيد بالحفظ والصيانة والرعاية لكافة الرعية والعلماء وإبعاد أهل الفساد والمعتدين وطردهم وتشهيل لوازم الحج والحرمين من الصرة والغلال ونحو ذلك من الكلام المحفوظ المعتاد المنمق، ولما انقضى أمر قراءة الأوراق، قام الباشا إلى مجلسه الداخل، وخل إليه المشايخ فخلع عليهم فراوى سمور، وكذلك الوجاقية والكتبة والسيد أحمد المحروقي، ثم عملوا شنكاً ومدافع كثيرة وطبولاً، وأحضر في ذلك الوقت المعلم جرجس وكبار الكتبة وعدتهم اثنان وعشرون قبطياً، ولم تجر عادة بإحضارهم فخلع عليه أيضاً، ثم نزلوا إلى بيت المحروقي فتغدوا عنده، ثم عوقهم إلى العصر، ثم طلبهم الباشا إلى القلعة فحبسهم تلك الليلة واستمروا في الترسيم وطلب منهم ألف كيس.
وفي يوم السبت ثاني عشرينه، أفرجوا عن مصطفى آغا الوكيل وعلي كاشف الصابونجي على ثلاثمائة كيس.
وفيه حضر محمد علي وحسن بك أخو طاهر باشا وطلعا إلى القلعة فخلع عليهما الباشا وهنأه بالولاية واستقر بمحمد علي والي جرجا وحسن بك والي الغربية وضربوا لذلك مدافع كثيرة وشنكاً، وعملوا تلك الليلة حراقة وسواريخ من الأزبكية وجهة الموسكي والحال أنهم لا يقدرون أن يتعدوا بر الجيزة ولا شلقان فإن طوائف عسكر الألفي وصلوا إلى بر الجيزة وأخذوا منها الكلف والأمراء البحرية منتشرون ببر الغربية والمنوفية.
وفيه هرب شخص من كبار الأرنؤد يقال له إدريس آغا كان بجماعته جهة برشوم التين، فركب إلى المصرلية ولحق بهم وتبعه جماعته وهم نحو المائة وخمسين شخصاً.
وفيه أرسل الباشا آغاة الإنكشارية ليقبض على علي كاشف من أتباع الألفي من بيته بسوق الأنماطيين فأرسل إلى الأرنؤد فأرسلوا له جماعة منعوا الآغا من أخذه وجلسوا عنده فأرسل الباشا من طرفه جماعة أقاموا محافظين عليه في بيته، ثم أن سليمان آغا كبير الأرنؤد الذي التجأ إليهم المذكور، حضر إليه وأخذه إلى داره بالأزبكية وصحبته الأمير مصطفى البردقجي الألفي أيضاً.
وفي يوم الاثنين، وصل شخص رومي بمراسلة من عند الألفي إلى الباشا، فعندما قرأ الباشا المراسلة أمر بقتله حالاً فرموا عنقه برحبة القلعة وحضر أيضاً مملوك بمراسلة من عند عثمان بك حسن يذكر فيها حضوره مع الألفي وأنه غتر بكلامه وتمويهاته عليه وأن بيده أوامر شريفة من الدولة ومن حضرة الباشا بالحضور وأمثال ذلك فكتب له جواباً وخلع على ذلك المملوك ورجع سالماً.
وفي يوم الأربعاء سادس عشرينه، أفرجوا عن النصارى الأقباط بعد ما قرروا عليهم ألف كيس خلاف البراني وقدره مائتان وخمسون كيساً، ونزلوا إلى بيوتهم بعد العشاء الأخيرة في الفوانيس.
وفيه وصل الألفي الصغير وانتشرت خيوله إلى بر أنبابة، فرموا عليهم مدافع من المراكب وبولاق ورفعوا الغلة من الرقع وأشيع أن الألفي الكبير وصل إلى الشوبك وعثمان بك حسن، وصل إلى حلوان ورجع إبراهيم بك والبرديسي، وباقي الأمراء إلى ناحية بنها بعدما طافوا المنوفية والغربية، وقبضوا الكلف والفرد وخرج كثير من العسكر إلى معسكرهم ناحية شلقان وما وازاها إلى الشرق وخرج أيضاً عدة من العسكر إلى ناحية طر والجيزة.
وفيه أرسل الألفي الصغير ورقة لشخص من كبار العسكر مقطوع الأنف، كان من أتباعه حين كان بمصر يطلبه للحضور إليه ويعده بالإكرام ولن يكون، كما كان في منزلته عنده فأخذ الورقة والرسول إلى الباشا فأمر بقتل المرسال، وهو رجل فلاح فقطعوا رأسه بالرميلة، وأنعم على مقطوع الأنف بعشرين ألف نصف فضة وشكره وقبل ذلك بأيام وصلت هجانة من العريش وأخبروا بورود عساكر من الدلاة وغيرهم معونة لمن بمصر، واختلفت الروايات في عدتهم فالمكثر من كذابي العثمانية يقولون عشرة آلاف والمقل من غيرهم يقولون ألفان أو ثلاثة.
وفي يوم الأربعاء، تواترت الأخبار بقربهم من الصالحية وانتقل الأمراء البحرية إلى بلبيس وركب منهم عدة وافرة لملاقاة العسكر الواردين، وخرج كثير من العسكر الخيالة والرجالة إلى جهة الشرقية ببلبيس، ونقلوا عرضيهم من ناحية البحر وردوا الكثير من أثقالهم إلى المدينة.
وفي يوم الخميس، أحضر الباشا طائفة من اليهود وحبسهم وطلب منهم ألف كيس واستمروا في الحبس.
وفيه رجع الألفي الصغير من ناحية أنبابة إلى جهة الشيمي باستدعاء سيده وأشاع العثمانية أنهم ذهبوا ورجعوا من حيث أتوا لعجزهم وعدم قدرتهم عليهم، وكان في ظنهم أمور لا تتم لهم كما ظنوا ولحقتهم جميع العساكر من الجهة الشامية.
وفيه أرسلوا ملاقاة للعساكر الواردين وفيها قومانية وجبخانة ولوازم على ستين جملاً ومعهم هجانة، فعندما توسطوا البرية أحاط بهم العربان وأخذوهم.
وفيه تسحب أشخاص من كبار العسكر بأتباعهم وذهبوا إلى المصريين وانضموا إليهم فمنهم من ذهب إلى قبلي ومنهم من ذهب إلى بحري.
وفيه عدي الألفي الكبير والصغير إلى البر الشرقي عند عثمان بك وترفعت مراكبهم إلى قبلي.
وفيه حضر عابدي بك وحسن بك من البحر إلى بولاق وانتقل محمد علي إلى طنط جهة براشيم التين بعد مقتلة وقعت بينهم وبين المصرلية وانهزموا وذهبوا إلى تلك الجهة.
وفي يوم الأحد غايته، أفرجوا عن طائفة اليهود بعد أن قرروا عليهم مائتي كيس خلاف البراني.
وفيه حضر خازندار الباشا من الديار الرومية إلى ساحل بولاق وصحبته أمتعة ولوازم للباشا وأشياء في صناديق.

.شهر ربيع الثاني سنة 1219:

استهل بيوم الاثنين وفيه ركب الخازندار المذكور وطلع إلى القلعة من وسط المدينة ونزل لملاقاته أغوات الباشا والجاويشية والشفاسية وحضر صحبته نحو خمسين عسكرياً مشوا أمامه وخلفه والصناديق التي حضرت معه خلفه محملة على الجمال والجاويشية أمامه يضربون على طبلات حكم العادة في ركوباتهم ومعه عدة كبيرة من أتباع الباشا وأمامه الجنبيات والخيول.
وفيه وصلت مراكب من الديار الحجازية إلى السويس وفيها حجاج ومغاربة، ولم يصل منهم إلا القليل وأكثرهم قتله العسكر الذي بقي بمكة بعد موت شريف باشا ومن انضم إليهم من أجناسهم وقد حصل منهم غاية الضرر والفساد والقتل حتى في داخل الحرم لأن الشريف غالباً ضمهم إليه ورتب لهم جامكية واستمروا معه على هذا الحال الفظيع.
وفيه أنبهم أمر العسكر الدلاة القادمين من الجهة الشامية واضطربت الروايات عن أخبارهم فمنهم من قال أن المصرلية وقفوا لهم بالطرق وقاتلوهم ورجع من نجا منهم بنفسه ومنهم من قال أنهم لما بلغهم قطع الطريق عليهم رجعوا من حيث أتوا وبعضهم طلب الأمان وانضم إليهم ومنهم من قال أن فرقة منهم ذهبت من فم الرمانة من طريق دمياط وقيل أنهم حضروا بثمانين رأساً منهم إلى بلبيس.
وفي يوم الأربعاء، خرج الوالي بعدة من العسكر وصحبته مدافع وجبخانة واستقر بزاوية الدمرداش.
وفي يوم الخميس رابعه، هجم الأمراء القبالي وهم الألفي وأتباعه وعثمان بك حسن ومن انضم إليهم من طرا وملكوا منها البرج الذي من ناحية الجبل بعد ما ضربوا عليه من أعلى الجبل وتعدوا إلى ناحية البساتين وتركوا، ومن فيها خلف ظهورهم وتحاربوا من طوابير العسكر وكانوا أنفاراً قليلة ونظرهم الباشا من قلعته فزعق على السلحدار، فركب في عدة من الشفاسية وخرج إليهم، فعندما واجهوهم لم يثبتوا وولوا بعدما سقط منهم أنفار.
وفيه وصل جواب من الأمراء القبالي إلى المشايخ يذكرون فيه أنهم يخاطبون الباشا في إخماد الحرب وصلحه معهم فإن ذلك أصلح له ويكونون معه على ما يحب وما يأمر به ويرتاح من علوفة العسكر التي أوجبت له المصادرات وسلب الأموال وخراب الإقليم وأن يختار من العسكر طائفة معلومة معدودة يقيمون بمصر ويأمر الباقي بالسفر إلى بلادهم، فلما خاطبوه بذلك وأطلعوه على المكاتبة أبي وقال ليس لهم عندي إلا الحرب.
وفي يوم الجمعة، حصلت أيضاً بينهم محاربة وأصيب من المراكب الحربية التي يسمونها الشلنبات اثنتان غرقت إحداهما وأحرقت الثانية واتهم الباشا الطبجية فقتل منهم خمسة اثنان بالقلعة وثلاثة بالرميلة.
وفي يوم السبت، حضر محمد علي من بحري وذهب إلى جهة القرافة فأقام بمقام عقبة بن عامر الجهني ووقع في ذلك اليوم محاربات أيضاً.
وفي يوم الأحد، أشيع حضور الأمراء القبالي إلى ناحية بهتيم وأنهم أرسلوا إلى المطرية بالجلاء عنها ورمحت العرب نواحي بولاق والجهات البرانية وضربوا عليهم مدافع، وفي ذلك اليوم نظر الباشا وكبار العسكر إلى جهة البساتين، فلم يروا أحداً من المصرلية فركب محمد علي وأخذ معه عدة وافرة ودخلوا تلك الجهة، فلم يروا أمامهم أحداً، فلم يزالوا سائرين وإذا بكمين خرج عليهم من جانب الجبل فأوقع معهم وقعة قوية حتى أصخنوهم وقتل منهم من قتل حتى لحقوا بالمشاة الرجالة فضربوا عليهم طلقاً وولوا مدبرين، فصار محمد علي يستحثهم ويردهم ويحرضهم، فلم يسمعوا له ورجعوا وفيهم جرحى كثيرة طلعوا بطائفة منهم إلى القلعة ودخل الباقون إلى المدينة وطلبوا طائفة المزينين لمداواة الجرحى بالقلعة وأخذوا في ذلك اليوم برج الدير الذي كان بأيدي العسكر جهة البحر بطرا وقتلوا من به من العسكر وأعطوا لمن بقي الأمان وهم نحو الثلاثين شخصاً.
وفي يوم الاثنين ثامنه، وصل المصرلية الذين كانوا جهة المشرق ووصلت مقدماتهم إلى جهة العادلية وناحية الشيخ قمر بل وعند الكيمان خارج باب النصر فأغلقوا باب النصر وباب الفتوح والعدوى، وهربت سكان الحسينية وحصلت كرشة بالجمالية، ولم يخرج إليهم أحد من العسكر بل أخذوا يضربون المدافع من أعلى السور ودخل محمد بك المنفوخ إلى الحسينية، وجلس بمسجد البيومي وانتشر المماليك والأتباع على الدكاكين والقهاوى، واستمر ضرب المدافع إلى بعد الظهر، ثم أن المصرلية ترفعوا عن الحسينية إلى اليشبكية فبطل الرمي ودخل الوالي وأمامه ثلاثة رؤوس تبين أنها رؤوس مغاربة من مقاطيع الحجاج المرضى كانوا مطروحين خارج القاهرة.
وفيه طلب جماعة المماليك السيد بدرا المقدسي فخرج إليهم من داره خارج باب الفتوح فأخذوه عند البرديسي وإبراهيم بك فأسر إليه إبراهيم بك بأن يكون سفيراً بينهم وبين الباشا في الصلح معهم وأنه لا يستقيم حاله مع العسكر ولا يرتاح معهم وليعتبر بما فعلوه مع محمد باشا، وأما نحن فنكون معه على ما ينبغي من الطاعة والخدمة وحضر في أواخر النهار، فلما أصبح يوم الثلاثاء ركب وطلع إلى الباشا وبلغه ذلك فقال له الباشا على سبيل الاختبار والمسايرة قولك صحيح ومن يرجع إليهم بالجواب، فقال أنا فحقدها عليه، ثم قام من عنده فأرسل خلفه وعوقه عند الخازندار، فذهب إليه في ثاني يوم شيخ السادات والسيد عمر النقيب وترجوا في إطلاقه فامتنع، وقال أخاف عليه أن يقتله العسكر ولا بأس عليه ولا يصلح إطلاقه في هذا الوقت وبعد خمسة أيام يكون خيراً فإنه مقيم عند الخازندار في إكرام، وفي مكان أحسن من داره وهذا رجل اختيار يفعل هذه الفعال يخرج إلى المخالفين متنكراً ويرجع من عندهم بكلام، ثم يطلب العود إليهم ثانياً.
وفي ليلة الثلاثاء المذكور، حضر محمد عليه الباشا بعد الغروب وقبض منه خمسين كيساً وقيل ثمانين ورجع إلى معسكره فجمع العسكر وتكلم معهم وفرق عليهم الدراهم واتفق معهم على الركوب والهجوم علي من بطرا في تلك الليلة على حين غفلة، وكان كاتبهم قبل ذلك يلاطفهم ويظهر العجز ويطلب معهم الصلح وأمثال ذلك وفي ظن أولئك صدقه وعدم قدرتهم على مقاومتهم وملاقاتهم، فلما مضى نحو خمس ساعات من الليل ركب محمد علي في نحو أربعة آلاف فراساناً ورجالاً، فلما قربوا من الحرس في آخر السادسة ترجلوا وقسموا أنفسهم ثلاثة طوابير ذهب قسم منهم جهة الدير والثاني جهة المتاريس والثالث جهة الخيل والجماعة وهم صالح بك الألفي ومن معه في غفلتهم ونومهم مطمئنين، وكذلك حرسهم، فلم يشعروا إلا وقد صدموهم فاستيقظ القوم وبادروا إلى الهرب والنجاة فملكوا منهم الدير وأبراج طرا وكان بها عسكر العثمانيين إلى هذا الوقت محصورين، وقد أشرفوا على طلب الأمان وأخذوا مدفعين كانا بالمتراس وبعض أمتعة وثمان هجن وثلاثة عشر فرساً وقتل بينهم بعض أشخاص وانجرح كذلك ورجع محمد علي والعسكر على الفور من آخر الليل ومعه خمسة رؤوس فيها رأس واحدة لم يعلم رأس من هي والباقي رؤوس عربان أو سياس أو غير ذلك وزعموا أن تلك الرأس هي رأس صالح بك وأرسلوا المبشرين آخر الليل إلى الأعيان ليأخذوا البقاشيش وأشاعوا أنهم قبضوا على الألفي الصغير وأحضروه معهم حياً والباقي رموا بأنفسهم إلى البحر، ولما طلع محمد علي إلى الباشا خلع عليه الفروة التي حضرت هل من الدولة وعلقوا تلك الرؤوس على السبيل بالرميلة وضربوا شنكا من القلعة ومدافع وأظهروا السرور وداروا بالأسواق يضربون بالطنابير وشمخ المغرضون بآنافهم على المغرضين للمصرلية، ثم تبين عدم صحة تلك الإشاعة وأن تلك الرأس رأس بعض الأجناد، ولم يمسك الألفي كما قالوا.
وفي يوم الأربعاء عاشره، وصل من بحري ثلاث شلنبات كان الباشا أرسل بطلبها عوضاً عما تلف فعندما وصلوا إلى جهة باسوس وهناك مركز للمصرلية على جرف عال أقعدوا به ليمنعوا من يمر بالمراكب فضربوا عليهم وضرب من في المراكب الحربية أيضاً على من في البر فكان ضرب من في البر يصيب من في البحر وضربهم لا يصيبهم لعلو الجرف عليهم فاحترقت جبخانة إحدى الشلنبات واحترق ما فيها بها وغرقت الثانية ويقال أن الثالثة، لم تكن من المراكب الحربية بل هي مكب معاش، وكان حضر في خفارتهم عدة من المراكب المسافرين فخافوا ورجعوا وقبضوا على بعض قواويس بها غلال فأخذوا ما فيها، فلما شاع ذلك بالمدينة رفعوا ما كان موجوداً من الغلة بالعرصات وشحت الغلال وعدم الفول والشعير وبيع ربع الويبة من الفول بتسعين نصفاً وقل وجود الخبز من الأسواق وخطف بعض العسكر ما وجدوه من الخبز ببعض الأفران وأخذوا الدقيق من الطواحين وصار بعض العسكر يدخل بعض البيوت ويطلبون منهم الأكل والعليق لدوابهم.
وفي يوم الخميس والجمعة اشتد الحال وبيع ربع الويبة من القمح بسبعين نصفاً وثمانين نصفاً وعدم الفول واشترى بعض من وجده ربعاً بمائة نصف فضة فيكون الأردب على ذلك الحساب بألفين وأربعمائة نصف وخرج عساكر كثيرة ووقعت حروب بين الفريقين ورع القبليون إلى طرا وحاربوا عليها، وكانوا شرعوا في عمارة ما تهدم من أبراجها ونقلوا إليها الذخيرة والقومانية والجبخانة والعسكر وأخذوا جمال السقائين لنقل الماء إلى الصهريج الذي ببرج طرا ودار الآغا والوالي على المخازن ببولاق ومصر وأخذوا منها ما وجدوه من الغلة وأمروا ببيعه على الناس بخمسين نصفاً الربع وأخذوا لأنفسهم ما وجدوه من الشعير والفول.
وفي يوم السبت، قلدوا حسن آغانجاتي الحسبة فخافته السوقة واجتهدوا في تكثير العيش والكعك والمأكولات بقدر إمكانهم واجتهد هو أيضاً في الفحص على الغلال المخزونة وبيعها للخبازين، وأما اللحم الضاني فإنه انعدم بالكلية لعدم ورود الأغنام.
وفيه شح ورود الغلة في العرصات وذهب أناس إلى برانبابة فاشتروا الربع بثمانين نصفاً وأزيد من ذلك والقول بمائة وعشرين وعلق أكثر الناس على بهائمهم ما وجدوه من أصناف الحبوب مثل الحمص والعدس وهم المياسير من الناس وأما غيرهم فاقتصروا على التبن وأما العنب والتين في وقت وفرتهما، فلم يظهر منهما إلا القليل وبيع الرطل من العنب بأربعة عشر نصفاً والتين بسبعة أنصاف وذلك بعد سلوك الطريق ومشي السفن.
وفي يوم الأحد رابع عشره، اجتمعت العساكر الكثيرة للحرب عند شبرا ورموا على بعضهم بالمدافع والقرابين والبنادق من ضحوة النهار، ثم التحم الحرب بين الفريقين واشتد الجلاد بينهما إلى بعد منتصف النهار، وصبر الفريقان وقتل بينهما عدة كبيرة من العسكر الأرنؤد وطائفة المماليك والعربان، فقتل من أكابر العسكر أربعة أو خمسة ودخلوا بهم المدينة وانكف الفئتان وانحاز إلى معسكرهما وبعد هجمة من الليل اجتمع العسكر من الإنكشارية والأرنؤدية وغيرهم وكبسوا على متاريس شبرا وبها حسين بك المعروف بالإفرنجي وعلي بك أيوب ومعهما عسكر من الأرنؤد الذين انضموا إليهما ومنهم الرماة والطبجية فأجلوهم عن المتاريس وملكوها منهم، ووقع بينهم قتلى كثيرة وقتل من عسكر حسين بك المذكور نحو مائة وستين نفراً وعدة من مماليك علي بك أيوب خلاف الجرحى وزحفوا على باقي المتاريس فملكوا منهم متاريس شلقان وباسوس وانهزم المصرلية إلى جهة الشرق بالخانكة وأبي زعبل وقيل أن العسكر المنضمين إليهم المتقيدين بالمتاريس هم الذين خامروا عليهم وانهزموا عن المتاريس حتى كانوا هم السبب في هزيمتهم، فلما أصبح النهار حضروا بسبعة رؤوس فيها ثلاثة من الأجناد الملتحين وثلاثة بشوارب ورأس أسود فعلقوها بباب زويلة ومن الثلاثة أجناد رأس له لحية طويلة شائبة شبيهة بلحية إبراهيم بك الكبير فقال بعض الناس هذه رأس إبراهيم بك بلا شك وأشيع ذلك بينهم، فاجتمع الناس من كل ناحية للنظر إليه، ووصل الخبر إلى الباشا، فأحضر عبد الرحمن بك والمزين الذي كان يحلق له لمعرفتهما به وآخرين وطلب الرأس فأحضروها وتأملوها، فمنهم من اشتبهت عليه ومنهم من أنكرها لعلامات يعرفها به وهي الصلع وسقوط الأسنان، ثم أعيدت إلى مكانها على ذلك الاشتباه، ثم أنهم عملوا شنكا ومدافع لذلك، ثم طلبها محمد علي أيضاً وفعل مثل ذلك وردها أيضاً، ثم رفعوها في الليل واستمر الفرح والشنك يومين والناس بين ناف ومثبت ومسلم ومنكر ومعاند مكابر، حتى وردت خدم من معسكرهم وأخبروا بحياة إبراهيم بك وأنه بوطاقه جهة الشرق فزال الشك وأرسل المصريون إلى بيوتهم أوراقاً.
وفي ليلة الاثنين المذكور، وقع خسوف قمري وطلع من المشرق منخسفاً آخذاً في الانجلاء، ومقدار المنخسف منه عشرة أصابع وتم انجلاؤه في ثاني ساعة من الليل، وكان بأول برج الدلو.
وفي ليلة الخميس، وصل أمير أخور الصغير من الديار الرومية، وطلع إلى بولاق في صبحها وركب إلى القلعة، فأنزله الباشا ببيت رضوان كتخدا إبراهيم بك بدرب الجماميز، ولم يعلم ما بيده من الأوامر، ثم تبين أن من الأوامر التي معه إخراج خمسمائة من العسكر إلى بندر ينبع البحر يقيمون بها محافظين لها من الوهابيين، ويدفع لهم جامكية سنة كاملة وذخيرتها وما يحتاجون إليه من مؤونة وغلال وجبخانة.
وفي يوم الثلاثاء، قرؤوا تلك الأوامر وفيها أنه تعين محمد باشا أبو مرق بعساكر الشام إلى الحجاز، فأحضر الباشا كبار العسكر وعرض عليهم ذلك الأمر، وقال لهم أنه ورد لي إذن عام في تقليد من أقلده فمن أحب منكم قلدته أمرية طوخ أو طوخين فامتنعوا من ذلك، وقالوا نحن لا نخرج من مصر، ولا نتقلد منصباً خارجاً عنها، ووصلت الأخبار في هذه الأيام أن الوهابيين ملكوا الينبع.
وفيه وردت الأخبار بأن الألفي عدى إلى البر الشرقي، وكان قبل ذلك عدى إلى البر الغربي وانتشرت عساكره إلى الجسر الأسود، ثم رجعوا وعدوا إلى البر الشرقي.
وفي يوم الأربعاء سابع عشره، ركب الأمراء المصرلية وانتقلوا من الخانكة ومروا من خلف الجبل بحملاتهم وأثقالهم وذهبوا إلى جهة قبلي، وخاب سعيهم، ولم ينالوا غرضهم وكان في ظنهم أنهم إذا حصلوا بالقرب من المدينة خرج إليهم الكثير من العسكر وانضم إليهم لمقدمات سبقت منهم مراسلات وكلام وقع بينهم وبين أتباعهم ومماليكهم المجتمعين عند أكابرهم وذبهم عنهم وعن بيوتهم وحريمهم، بل وإخراج بعض الأتباع والمماليك بمطلوبات إلى أسيادهم خفية وليلاً حتى استقر في أذهان كثير من العقلاء ممالآت كثير من البنباشايات ورؤساء العسكر مع المصرلية وعندما تحقق العسكر ذهابهم، دخلوا إلى المدينة بأثقالهم وحمولهم وانتشروا بها حتى ملؤا الأزقة والطرق والبيوت وقدمت السفن المعوقة وتواجدت الغلال بالرقع وتخلف عنهم أناس كانوا منضمين إليهم طلبوا أماناً بعد ذلك، وحضروا بعد ذلك إلى مصر وقدمت عساكر ودلاة في المراكب ودخلوا البيوت بمصر وبولاق وأخرجوا منها أهلها وسكنوها وإذا سكنوا داراً أخربوها وكسروا أخشابها وأحرقوها لوقودهم فإذا صارت خراباً تركوها وطلبوا غيرها ففعلوا بها كذلك وهذا دأبهم من حين قدومهم إلى مصر حتى عم الخراب سائر النواحي وخصوصاً بيوت الأمراء والأعيان وبواقي دور بركة الفيل وما حولها من بيوت الأكابر والقصور التي كانت يضرب بأدناها المثل، وفي ذلك يقول صاحبنا العلامة الشيخ حسن العطار وأما بركة الفيل فقد رميت بكل خطب جليل، وأورثت العين بوحشتها بكاء وعويلاً والقلب بذكر ما سلف من مباهجها حزناً طويلاً.
وفي يوم الثلاثاء ثالث عشرينه، طلع المشايخ عند الباشا وشفعوا في السيد بدر المقدسي فأطلقه، ونزل إلى داره.
وفي يوم الخميس خامس عشرينه، قلدوا علي آغا الوالي على العسكر المعين إلى الينبع أميراً وضربوا له مدافع، وفرح الناس بعزله من الولاية فإن كان أخبث من تقلد الولاية من العثمنية، وكان الباشا يراعي خاطره ولا يقبل فيه شكوى وتعين للسفر معه عدة من العسكر من أخلاط مصر البطالين أروام وخلافهم.
وفيه قلدوا مناصب كشوفية الأقاليم لأشخاص من العثمانية.
وفي ثامن عشرينه، تشاجر شخص من العسكر مع شخص حكيم فرنساوي عند حارة الإفرنج بالموسكي فأراد العسكري قتل الفرنساوي فعاجله الفرنساوي فضربه فقتله وفر هارباً، فاجتمع العسكر وأرادوا نهب الحارة، فوصل الخبر إلى محمد علي فركب في الوقت ومنع العسكر من النهب، وأغلق باب الحارة وقبض على وكيل قنصل الفرنساوية، وأخذه معه وحبسه عنده، حتى سكن العسكر.
وفي تلك الليلة، مر جماعة من العسكر بخط الدرب الأحمر فأرادوا أخذ قنديل من قناديل السوق، فقام عليهم الخفير يريد منعهم فذبحوه وأخذوا القنديل فأصبح الناس فرأوا الخفير مذبوحاً وسمعوا القصة من سكان الدور بالخطة، ووجدوا أيضاً عسكرياً مقتولاً جهة الموسكي، وغير ذلك حوادث كثيرة في كل يوم من أخذ النساء والمردان والأمتعة والمبيعات من غير ثمن وانقضى الشهر.
وفيه استقر الأمراء المصرلية جهة صول والبرنبل وما قابلهما من البر الغربي، واستمر عثمان بك حسن والبرديسي وأتباعهما بالبر الشرقي وشرعوا في بناء متاريس وقلاع بساحل البحر من الجهتين، وأرسل الباشا إلى جهة دمياط ورشيد يطلب عدة مراكب وشلنبات لاستعداد الحروب واجتهد في ملء صهاريج القلعة، وطلبوا السقائين وألزموهم بذلك فشح الماء بالمدينة، وغلا سعره لذلك ولغلو العليق، حتى بلغ ثمن الراوية أربعين نصفاً بعد المشقة في تحصيله، لأنه لم يبق إلا الروايا الملاكي لأكابر الناس فيمنعها العطاش عند مرورها قهراً، ويدفعون ثمنها بالزيادة، واتفق شدة الحر وتوالى هبوب الرياح الحارة وجفاف الجو وتأخير زيادة النيل.